قصيدة أعجبتني منذ زمن وبحثت عنها في الشبكة
ابو الحسن الانبارى

تذكر كتب التراث ان محمد بن عمر بن يعقوب ، أبو الحسن الانباري كان شاعرا مقلا وكان يفد على محمد بن بقية وزير عضد الدولة العباسي ويمدحه وينال عطاءه.. وكان هذا الوزير كريماً جواداً, من أصحاب المروءة وله مكانة كبيرة في قلوب الناس .. فقد كان يقضى حوائجهم و ينفق على المساكين ويتولى الإشراف على حلقات تحفيظ القرآن وبنى كثيراً من المساجد..
وحدث نزاع بين عضد الدولة وابن عمه عز الدولة آلت الى حرب..وقد أورد العداس في كتابه : نظرات في المناسبات أن ابن البقية كان قد ذهب لإجراء الصلح بين عز الدولة وعضد الدولة ، إلا أن عز الدولة غضب كون مكانته ستهتز ويظهر ضعفه ، فطرد ابن البقية وأرسل واشياً لينقل الأخبار لبلاط عضد الدولة والذي غضب أشد الغضب وطلب ابن البقية وحكم عليه بالخيانة ، فطرحه في ساحة أمام قصره واستدعى الفيلة فداسوه حتى الموت، ثم أخذه فصلبه على باب الطاق ببغداد عند نهر دجلة , فسمع الناس بالخبر فساءهم كثيراً وحزنوا وتجمعوا حول جثمانه ولما جاء الشاعر الانبارى لوفادته رآه مصلوبا والناس حوله.. فرثاه بهذه القصيدة التى قيل ان عضد الدولة لما سمعها قال كنت اتمنى لو كنت انا المصلوب وهذه القصيدة قيلت في..
ان هذه القصيدة من اشهر قصائد الرثاء في ادبنا العربي .. ولا تتأتى شهرتها من قوة بنائها والبراعة في الوصف والصور الشعرية المعبرة التى اغنتها.. لكن اهم ما فيها هو صدق العاطفة فقد قالها الشاعر في شخص مغضوب عليه و تستدعى غضب اصحاب السلطة (عضد الدولة) عليه. لكنه الوفاء لمن كان يحسن اليه..مهما كانت عواقب هذا الوفاء..
المصدر

وإلى القصيدة

علوّ في الحياة وفي الممات *** لحقٌ أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قاموا *** وفود نَداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيبا *** وكلهم قيامٌ للصلاة
مددت يديك نحوهم احتفاءً *** كمدهما إليهم بالهبات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن *** يضم علاك من بعد الوفاة
أصاروا الجو قبرك واستعاضوا *** عن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى *** بحراسٍ وحفاظ ثقات
وتوقد حولك النيران ليلا *** كذلك كنت أيام الحياة
ركبت مطيةً من قَبْلُ زيدٌ *** علاها في السنين الماضيات
وتلك قضية فيها أناسٌ *** تباعد عنك تعيير العداة
ولم أر قبل جذعك قط جذعا *** تمكن من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاستثارت *** فأنت قتيل ثأر النائبات
وصير دهرك الإحسان فيه *** إلينا من عظيم السيئات
وكنت لمعشر سعدا فلما *** مضيت تفرقوا بالمنحسات
غليل باطن لك في فؤادي *** يخفف بالدموع الجاريات
ولو أني قدرت على قيام *** بفرضك و الحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافي *** وبحت بها خلاف النائحات
ولكني أصبر عنك نفسي *** مخافة أن أعد من الجناة
ومالك تربة فأقول تسقى *** لأنك نصب هطل الهاطلات
عليك تحية الرحمن تترى *** برحمات غواد رائحات

0 تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك حافز على المزيد