قال تعالى: '' وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً
لِلشَّارِبِينَ''

الأنعام نعمة من نعم الله علينا خلقها الله وجعل لنا فيها منفعة وعبرة، لكن بعض الناس لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا

يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ''' ولو تأملنا في هذه المخلوقات لوجدنا فيها خير عبرة وأذكر بعض صفات هذه الأنعام:

الراحلة: .. غلا ثمنها لما صابرت طول السفر وقلة الزاد، فاستحقت أن تكرم وتزين وتظل حياتها عزيزة حتى تموت،وأما غيرها

من الإبل فأرخصها نفاد صبرها وضعف تحملها،لذا تأكل لتؤكل، وتكرم لتذبح،وغاية إكرامها:إخفاء السكين عنها ساعة الذبح

التمساح: .. اذا فرغ من طعامه فَغَرَ فاه واسعاً ليسمح لعصفور صغير بالتقاط بقايا الطعام من بين أسنانه،خشية أن ينخر فيها
السوس، وبعض الناس ينخر في السوس منذ زمن دون أن يسمح لأحد بالتقاط أصل الداء منه،لاالتمساح شابه ولا العصفور

قلد..أخي إن لم تكن فاعلاً فمتفاعلاً... إن لم تدَبِّج خطبة فاحضرها ...إن لم تُلق درساً فاشهده..وإن لم تكن أهلاً لإصلاح غيرك،فلا

تمانع في أن يقوم غيرك بإصلاحك.
الحمام الزاجل... إذا أطلقه صاحبه في توصيل رسالة كابد قرص الشمس، وواصل الليل بالنهار محتملا ما يكابده من رياح وأمطار

ورعد وبرق، وحلق عاليا خشية أن تناله سيام الصياد، وهو مع هذا يحذر النزول على حبة قمح ملقاه خوفا من خديعة فخ تورث

عرقلة سير أو كسر جناح فتضيع الرسالة، فإذا أوصل الرسالة أطلق لجناحيه العنان في البرج يأكل ما يشاء...فيا حاملي رسائل

القرب إلى الله ماذا كابدتم؟؟؟ وإلى أي علو منه سموتم؟؟؟وأي فخ عرقل تقدمكم؟؟؟ ويحكم...غمسة في الجنة تنسي آلام العمر،

ولحظة واحدة فيها خير من الدنيا وما فيها...فلم التردد؟



القط... إذا أحسنت إليه مرة جعل كلما رآك لاطفك وتمسح بثيابك،وأنت كل ذرة من بدنك تشهد بإحسان الله إليك ،وكل شعرة من

جسدك مغمورة بنعمة الله عليك،ومع هذا كله كلما رغّبك فيه رغبت عنه،وكلما أدناك منه أحببت غيره،وكلما واصلك جافيته،

خاصمته وأنت أحوج ما تكون إليه، وصالحك وهو أغنى ما يكون عنك، هلا تعلمت من البهائم يا ذا القلب الهائم،ولا تستعظمن

قدرك فقد تعلم قابيل كيف يدفن أخاه من غراب،وعلم سليمان خبر بلقيس من هدهد

النمل:... مع صغر حجمه وضعف قوته يحمل أضعاف أضعاف وزنه صيفاً ليقتات عليها شتاءً ودون أن تشغله حلاوة الصيف عن

زاد الشتاء لعلمه بضراوة الجوع فيه ولكونه أخذ العبرة من كثرة الهالكين فيه...يا أخي افهم: الدنيا صيف والآخرة شتاء...فقليل

من الاعتبار يرحمك الله .

الحمار:.... يسير في الليلة المظلمة إلى المنزل فيعرفه، فإذا خلى سبيله وصل إليه بغير دليل، وهو مع هذا يفرق بين الصوت

الذي يستوقف والصوت الذي يحث به على السير...فيا ضالاً طريقه إلى الجنة...يا فاقدا التمييز بين صوت داعي الجنة وبائع النار

لم تحصل في الهمة على درجة (حمار)إذا فهمت همت، وكلما دنوت من القبور قوي عندك الفتور، دنو أجلك يزيد من أملك، ودفنك

الكثير من الأعزة ما أثناك بعد عن حب عزة...آه!!! كم تظلم فصيلة الحمير


الأسد..مَلِكٌ دمث الأخلاق:

رغم هيبة الأسد ومكانته كملكٍ للغابة، إلا أنه لا يقتل إلا إذا جاع أو هوجم وأصيب بجروح بالغة، عدا ذلك نجد الأسود تشرب في

وداعة وسلام وتواضع مع الغزلان والظباء من نفس البحيرة! فمن علّم الأسود ألا تقتل إلا دفاعا عن النفس؟!! ومن علمها أن

تتواضع وهي ملوك الغابات؟!!

إنه الله جل جلاله..


الجراد..جيش منظم بلا قائد:

خلال الهجرة الجماعية للجراد بحثا عن المراعي الخصبة، تسير الملايين منه كجيش منظم..لكن الغريب أن هذا الجيش يسير بلا

قائد!..فكل جرادة في الجيش هي قائد عسكري يلقي الأوامر ويتبعها بنفس الوقت...فمن القائد الأعلى الذي يسيّر هذا الجيش

العرمرم ويأخذ منه الأوامر؟!!...من الذي أعطى الجراد خارطة الطريق لتصل دون أن تضيع أو تضل الطريق؟!!

إنه الله جل جلاله..


الفيلة...والاعتزاز بالعائلة:

لا يستطيع الفيل أن يعيش وحيدا! ولا يمكن أن نجد فيلاً يسير بمفرده..لأن الفيل مرتبط جدا بالعائلة، ومتى قتل الصيادون عائلة

الفيل فإنه يتجه فورا إلى قطيع آخر يضم عائلة أخرى من الفيلة..لينتمي إليها! لشدة ارتباط الفيل بجو العائلة، فمن الذي علم الفيل

أن العائلة هي الحصن الحصين للفرد والحضن الدافئ في الحياة الدنيا؟!!

إنه الله جل جلاله..

السلمون..والحنين إلى مسقط الرأس:

يضع السلمون بيضه تحت إحدى مجاري المياه البعيدة، وفي العام التالي تتجه صغار السلمون بعد فقسها إلى البحر..وعند بلوغها
سن الخامسة تعود إلى مسقط رأسها؛ للقيام بعملية التناسل بالرغم من المسالك المائية المتشعبة التي تصادف طريق عودتها...فمن
علّم أسماك السلمون الوفاء لموطن الميلاد؟!! ومن علمها الاهتداء إليه بعد كل تلك السنين؟!!
إنه الله جل جلاله..

البطريق..الجار الطيب:

تفرض الآداب الاجتماعية بين طيور البطريق، أن على أحد الجيران تعهد بيض أنثى طائر البطريق المجاورة ورعايتها كأمها
تماما، متى اضطرت الأنثى الأم إلى الخروج لجلب الرزق!، فتقوم الجارة الطيبة بحمل بيضة الجارة الأم في إحدى قائمتيها وتطوي
عليها بقبضتيها لمنع البيضة من التجمد في تلك المنطقة المتجمدة من الأرض...فمن علّم البطريق أن للجار حقا على الجار؟!!

إنه الله جل جلاله..


الفراشة..أنثى حقيقية:

لإناث الفراشات غدد عطرية أعدت خصيصا لاجتذاب الذكور، وهي تدعوهم برفع طرف بطنها ورفرفة جناحيها بسرعة تعمل على

تحريك الهواء فوقها لنشر الأريج في كل اتجاه، مراعية ألا يتم ذلك إلا إذا كانت الأحوال الجوية ملائمة لانتشار الأريج على مدى

واسع! فمن علم الفراشة كيف تغري الذكور وتسحرهم كالإناث البشرية؟!!

إنه الله جل جلاله..



الأفعى و الثوب الجديد:


تبدل الأفعى جلدها؛ كي لا يعيق ضيق الجلد نموها المطرد، فمتى بدأ الجلد القديم بالتمطي والاسترخاء تقوم الأفعى بحك رأسها

بغصن أو حجر حتى يتشقق الجلد، ولا تزال كذلك في شد وجذب حتى تنزعه كاملا؛ لتنبعث متألقة في حلة جديدة مفصلة تفصيلا

على جسدها..فمن علم الأفعى قيمة الجمال وأهمية التجديد والتغيير؟!!

إنه الله جل جلاله..







القطط ونظافة البيئة:

تحرص القطط على الاستحمام والتطهر والنظافة بعكس الكلاب المعروفة بنجاستها، تفعل ذلك حتى لا تشمها الفئران، كما أنها تحفر

في التراب حفرا صغيرة لدفن فضلاتها، أو أي شيء كريه يثير اشمئزازها، بما في ذلك الطعام الذي لا تحبه، فمن علم القطة كيف

تعتني بنفسها وتحافظ على نظافة بيئتها؟!!

إنه الله جل جلاله..





ذكاء الغوريلا ورقيها السيكولوجي:


إذا وُضعت الغوريلا في ظروف مشابهة للإنسان، فإنها تفعل تماما كما يفعل الإنسان، فإذا نعست تطفئ النور وتجذب الغطاء إليها

وتنام على الفراش، كما أنها تستعمل الحمّام كأي إنسان!..فمن علم الغوريلا أن تكون دائما بطلة اختبارات الذكاء؟!!

إنه الله جل جلاله..






وفاء الحمامة:


مهما ابتعدت الحمامة عن صاحبها الذي اشتراها، وقطعت المسافات المقدرة بعدة أميال في رحلة بعيدة المدى، فإنها لا تلبث أن

تعود إليه وهي ترفرف بجناحيها في اشتياق..حتى لو كان بيتها في سطح منزل صاحبها مجرد صندوق صغير وضيق..فمن علّم

الحمامة أن تفي بالعهود؟!!

إنه الله جل جلاله..





تعاون النمل:


يخبر النمل بعضه بعضا بالطريق الذي يسلكه، فالنملة التي رجعت إلى الخلية بعد جمع غذائها تؤدي رقصة تهز فيها بطنها لتوحي

للنمل الموجود في الخلية بالزاوية الواجب عليه اتخاذها بالنسبة للشمس، وكذلك المسافة التي عليه أن يقطعها حتى يصل إلى

مصدر الغذاء، وبفضل هذه المعلومات يندر أن تضل نملة تحمل الطعام هدفها أو طريقها...فمن علّم النملة قيمة التعاون بين

الجماعات؟!!

إنه الله جل جلاله.










الجلالة. هي كل ما يؤكل لحمه من دواب الأرض تأكل النجس من الطعام حتى يخبث لحمها، وقد حرم الفقهاء أكلها حتى تحبس مدة

من الزمن تأكل فيها طيب الطعام فتطيب وتحل للأكل، وكثير من الناس غرق في الحرام ففسد حاله وخبث لحمه، وما أحوج هؤلاء

إلى حبس كحبس الجلالة لا يتناولون فيه إلا أطايب الكلام وصالح الأعمال إلى أن تزكوا أرواحهم وتطيب نفوسهم فيستحقون بذلك

دخول الجنة التي لا يدخلها إلا) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ (وعندها تطرب أسماعهم بسماع النشيد الملائكي الخالد) يَقُولُونَ

سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ''




ومنهم حرباء في تلونها يدخل مجلس الصالحين فيخشع لسماع الأعراف وهود ، ويثني على مجالس الطالحين فيطرب لسماع

الجيتار والعود، حرموا من المعية لأن أنفسهم إمّعية وعقولهم غير ألمعية طريقتهم في الحياة _ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا

إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ''






فسبحان الله القائل: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم، ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون}


سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

سبحانك اللهم وبحمدك..ما خلقت هذا عبثا..وما أعطيت أسماء بعض سور القرآن من أسماء الحيوانات والحشرات محض صدفة..

نقرأ (الأنعام) ولا نعتبر بالأنعام..نتلو سورة (البقرة) ولا ندرك معاني البقرة..ونرتل آيات (النحل) و(العنكبوت) و(النمل) ولا نتمعن في آياتها وعبرها..

أمَا أخبرنا الله بأن الغراب قد علّم قابيل مراسم الدفن؟ {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه}

وأن هدهد سليمان كان خير عيون الحروب ورسل الخير؟ {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}

وأن النحل أعظم مهندسي العمارة على وجه الأرض؟؟ {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون}

غفرانك اللهم قد قصرنا في شكر النعم والأنعام، وعفوك اللهم ما اعتبرنا بما هو بين أعيننا معطلين بعقولنا القدرة على الإدراك

والإفهام، فأعنا بقدرتك على تسبيحك يا من {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا

يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً}


وأخيرا أقول: إن الله أرسل القرآن كتاب هداية ودستور حياة لكن لمن فهم المقصد:

1 تعليقات:

تعليقك حافز على المزيد